... زفرة أنثى ...
رسالة إلى كل قلب قاس اعتاد أن يطعن امرأة بلسانه قبل يده،
إلى كل عين نظرت إليها كزينة عابرة أو سلعة تقاس بثمن،
إلى كل من حسب أن كرامتها قابلة للتفاوض،
أكتب هذه الكلمات بمداد قلبي.
إلى كل من ظن أن الرجولة تقاس بعلو الصوت وخشونة اليد، و حسب أن المرأة ضلع أعوج و نسي أن الضلع الأعوج هو ما يحمي القلب.
هل أخبرك من تهين حين ترفع صوتك فوق صوتها و تسقطها بكلمة؟
أنت تهين التاريخ الذي ولدت منه، و الرحم الذي صاغك قطرةً من دم، و الحضن الذي علمك كيف تقف على قدميك.
أنت تهين أمك التي حملتك تسعة أشهر، و أرضعتك حولين، و أختك التي سترتك،
و ابنتك التي ستكبر على صورة رجل يشبهك.
المرأة التي تقلل من شأنها،
قد تكون الوحيدة التي كانت ستمنحك قلبها دون شرط أو حساب، لكنك اخترت أن تكسر يد العطاء وتطفئ شمعة الرحمة.
المرأة يا ـ أنت ـ ليست كائنًا خلقه الله ليملأ فراغ وقتك،
ولا صفحةً بيضاء تمحو منها ما تشاء، و تكتب فيها ما تشاء.
إنها نصف الكون، و أحيانًا الكون كله إذا أردت النجاة من خرابك.
المرأة يا سيدي ليست كائنًا خلق ليكون ظلك، بل خلقت لتكون نورك إن أظلمت في وجهك الدنيا، وسندك إن تهالكت،
وعينك إن فقدت البصيرة.
إهانتك لها لا تسقط قيمتها،
بل تسقط رجولتك وتكشف أن فحولتك لم تتجاوز حدود لسانك.
فلتعلم يا ـ أنت ـ
أن المرأة حين تصمت أمام إهانتك، فهذا لا يعني أنها ضعيفة، بل إنها تمنحك فرصة أخيرة لتكون إنسانًا.
وحين تغادر، فهي لا تهرب خوفا منك، بل تنجو من خسارتك.
فاحذر يا ـ أنت ـ
فوجع المرأة لا ينسى،
ودعوة المقهورة تصعد إلى السماء أسرع من دقات قلبك،
والقلب الذي أسقطته اليوم،
قد يكون الجدار الذي تحتاجه غدًا كي لا تنهار.
المرأة ليست مجرد ظل يتبع حكاية أحدهم،
ولا نصفًا ينتظر اكتماله بآخر.
المرأة حملت العالم على أكتافها
بين بكاء صامت و ضحكة مستعارة، خبأت جروحها تحت وشاح الكبرياء، و تعلمت أن تمشي فوق الزجاج المكسور
دون أن تترك أثر دمها على الأرض.
المرأة هي التي كانت تطفئ الحريق في قلوب الآخرين
بينما يشتعل صدرها بصمت،
و تصالحت مع الوحدة
لأنها اكتشفت أن بعض الحضور أثقل من الغياب.
إلى كل من ظن أن وجعها سيكسرها
اعلموا أن المرأة أنثى،
و أنثى الوجع لا تسقط،
بل تزهر شجرًا من بين شقوق الصخر، وتحول الدموع إلى سيوف، و الانكسار إلى جناحين.
تذكر يا ـ أنت ـ
أن يد المرأة التي ترفعها للدعاء وهي مظلومة، تهز عرش السماء،
وأن قلبها إذا انكسر، فلن يرممه ألف اعتذار ولا دمعة ندم.
إن كانت المرأة تنحني،
فإنما تنحني لتغرس الحب و تحافظ على عشها، وليس لتتسول كرامتها من يدك.
هذه زفرة كل أنثى،
ليس ضعفا، بل إعلان حرب
على كل من أراد أن يسرق صوتها أو ملامحها أو حقها في أن تكون.
الأنثى وجع تعلم أن يعيش،
وقلب يعرف كيف يحب رغم الطعنات،
وروح لا تنحني إلا لخالقها.
✍️ الزهرة العناق ⚡
13/08/2025