تعاويذ اليقطين
مبارك اسماعيل حمد
هل أنتَ بعادٌ أم وصال؟
1. حين تتدافع الأزهار
يا يقطينًا يسيل من جفونه ورود الضياع
تتدافع الأزهارُ في أنفاسه
كأنها هاربةٌ من تعويذة جدولٍ خريره هدير الدم!
هل كنتَ حلمًا فاغرَ الفم
أم جحيما يمور بين أضلعي؟
ريحك تخلع عن الورد أثوابَه
فتجري الزنابقُ عاريةً
تطرق أبوابَ الغيمِ وتكتئب!
هل كنتَ بعادًا يسافر في جلد الوقت؟
أم وصالًا يسكرُ في قنينة نسيان؟
أنا لا أعرف
فكلما ناديتك،
ترد المرايا بوجه منكسر
وتقول:
هو أنت...
حين تنام، وعلي حواف حلمك يسقط طائر منتحر!
2. المرايا تأكل أصابعها
في حضرةِ ظلك
تتكسّر الساعات في منافي الحسرة والملل.
تزحف على جلد القصيدة،
وتعضّ القوافي أنياب الندم!
يا من تربّي العاصفة في جب اكاذيبك،
وتطعم الوقتَ لعصافير تضحكُ مثل صبايا الغجر.
هل كنتَ نبوءةً مشلولة
أم مرآةً تعكس ذعرا ووجل؟
أنا التائهُ فيك،
معلقٌ كخرزةٍ في سبحةِ كاهنٍ أعور
كلما سبّح باسمي… تناثرت شظايا سعير وعدم!
الزهور تئنّ من عبقك
تتدحرج من بين أصابع الفصول،
تصرخ:
هو الريح…
هو الحجر الذي تعلّمَ البكاء من أنفاس أنثى تنام في خيمة من الوبر.
3. حين يغني العدم
في ليلٍ ينزف من أنفه
كان القمرُ يعلّق أوتاره على ساق طفل محطم
ويعزفُ لك...
بأناملَ ليست له!
أراكَ،
تخرج من بين أهدابي
كفكرةٍ رطبة،
تلعقُ جدرانَ عقلي
ثم تذوب في زبدِ اللاكلام.
هل أنتَ خبز الغياب،
أم عصفورٌ يحترف الانتحار على رؤوس الكلمات؟
أسمعك
تتنفّسُ من أنبوبِ نحاسي
مغروسٍ في جذعِ نخلةٍ ماتت وهي تلد المطر،
وأناديك بأسماءٍ نسيتها الشفاه
مذ رطنت بأسماء غاب عنها عمر ومعتصم وأسد مزمجر.
أجبني...
هل كنتَ وصالًا من ضوءٍ
أم بعادًا من صرير وحنظل؟
4. منتهى الأسماء
في المرآةِ التي لا تعكس،
رأيتُني أمشي على حوافِّ اسمي
كطفلٍ يلبسُ ظله مقلوبًا.
من أنا؟
سؤالٌ يتدلى من حنجرةِ ساعةٍ رملية،
كلما هبّت الريح
أجابتني حفنةُ وجوه
لا تشبهني… لكنها تبتسم!
أنتَ،
يا من وُلِدتَ في فوهة وطن استعر
ونام على جناح فراشةٍ مصنوعةٍ من عظام موتى وخنجر!
هل كنتَ اسمي
أم رجعَ صوتي حين ناح بكبد منفطر ؟
أنا الوقتُ حين يضلّ طريقه،
أنا البابُ حين يتنكّر للأهل!
أنا وردةٌ نبتت في كفِّ التكايا
بين جوع وخطر
فإن عدتَ...
عد بلا زمن،
بلا علم او وطن
فأنا أنتَ… إن نسيتَ أن تكون!
مبارك اسماعيل حمد.
4/5/2025